التربية والبيداغوجيا .
قبل تحديد مفهوم التسيير البيداغوجي نشرح بإيجاز معنى كلمة بيداغوجي وعلاقتها بالتربية، ذلك أن معظم المتخصصين في علوم التربية أكدوا على ضرورة الفصل بين الكلمتين وبينوا أن التربية تعني العمل الذي نمارسه على الأطفال وأن البيداغوجيا على العكس من ذلك لا تتمثل في الأعمال بقدر ما تتمثل في النظريات وهي كما يقول دور كايم: كيفيات في تصور التربية وليست في كيفيات العمل والتطبيق، أو أنها ضرب من التأمل والنظر في مسائل التربية.
على أنه يمكننا النظر إلى التربية والبيداغوجيا من زاوية أخرى غير تلك التي نظر منها بعض المتخصصين وعلى رأسهم دور كايم ، فنقول أن البيداغوجيا جزء من التربية وهذه الأخيرة أهم وأشمل إذ تتجه إلى تكوين الشخصية الإنسانية في شتى جوانبها، وأما البيداغوجيا فهي كما يقول فولكيه: هي الأسلوب أو النظام الذي يتبع في تكوين الفرد (الطفل)، ولذا فهي تتضمن إلى جانب العلم بالطفل المعرفة بالتقنيات التربوية والمهارة في استعمالها أو بعبارة أخرى يمكن القول بأن البيداغوجيا تمثل الجانب الفني للتربية، فهي لا تعدوا أن تكون مجموعة الوسائل المتعلقة بتحقيق التربية.
مفهوم التسيير البيداغوجي .
وانطلاقا من التعريف السابق لكلمة بيداغوجيا وباعتبار أن موضوع هذا العرض يتناول جانب التسيير البيداغوجي في المؤسسات التربوية فإن الغرض منه هو تحديد مجموعة الوسائل والآليات والأساليب البيداغوجية التي يعتمدها مدير المؤسسة لتحقيق التربية والسمو بمستوى الأداء إلى ما يخدم التلميذ الذي يعد محور كل العمليات.
والمادة السادسة من القرارين 175 و 176 المتعلقين بمهام مدير الاكمالية والثانوية تبين أهمية التسيير البيداغوجي وتعتبره وظيفة أساسية يجب على المدير أن يوليها كل العناية والاهتمام حيث جاء فيها ما يلي:
(تعد النشاطات البيداغوجية الوظيفة الأساسية لمدير المؤسسة الذي يتعين عليه السهر
حتى تؤدى كل النشاطات التي تقوم بها المؤسسة أو فيها المهمة التربوية المنوطة بها).
العوامل المساعدة لضمان أحسن تسيير بيداغوجي .
ممارسة هذه الوظيفة البيداغوجية تقتضي التشبع بمجموعة من القدرات والمهارات التي
تساعد رئيس المؤسسة على ضمان أحسن تسيير وتحقيق أفضل النتائج وهي كما يلي :
- تنمية المعارف النظرية.
- اكتساب تقنيات التنشيط البيداغوجي .
- القدرة على تصور الحلول للمشكلات المعترضة .
- الإلمام بالعمليات البيداغوجية التي تسمح بتكوين نظرة عميقة لعملية التسيير .
- اكتساب القدرة على القيادة والتسيير المحكم لضمان مردود جيد يكون في مستوى
الجهد المبذول .
- الإلمام بطرق وأساليب تنشيط الجلسات والاجتماعات وتوجيه المناقشات .
- التحكم في آليات ومهارات التبليغ والاتصال .
- تقبل آراء الغير والقدرة على الحوار والإقناع .
- القدرة على الملاحظة والتحليل والاستنتاج .
وسائل وآليات التسيير البيداغوجي
لقد حدد القراران 175 و 176 اللذان سبقت الإشارة إليهما في مواد هما من
السابعة إلى الثالثة عشرة وسائل وآليات التسيير البيداغوجي التي ينبغي أن تكون محل
عناية واهتمام رئيس المؤسسة والتي يتوقف عليها نجاح الفعل التربوي ببعديه التعليمي
والتعلمي وهي:
1. التنظيم العام للفعل التربوي داخل المؤسسة
ويشمل هذا التنظيم مجموعة من العمليات التربوية العامة التي تشكل أرضية صلبة لضمان دخول مدرسي ناجح وهي:
- تسجيل التلاميذ الجدد وقبولهم وتشكيل الأفواج وفق الضوابط التربوية المعروفة لضمان التوازن والانسجام في التربية العامة لمجموعة الدارسين.
- ضبط خدمات المدرسين وجداول توقيت التلاميذ ونشاطاتهم مع مراعاة التوجيهات والتعليمات الرسمية المتعلقة بهذا الجانب، باعتبار أن السير الحسن للمؤسسة خلال السنة يتوقف على مدى العناية التي يوليها المدير لهذه العملية من حيث الدقة والتنظيم وحسن استغلال الزمن.
- تحضير مجالس التعليم والأقسام باعتبارها مجالا خصبا لتقويم العملية التربوية وتوليد الأفكار والمقترحات التي تساهم في تحسين مستوى الأداء تعليما وتعلما.
- السهر على تكوين المدرسين ورفع مستواهم المهني وتحسيسهم بمسؤولياتهم
التربوية تجاه تطبيق التعليمات الرسمية المتعلقة ببرامج التعليم .
2. تنسيق نشاطات الأساتذة الرئيسيين والمسؤولين عن المواد
إن التنسيق هو ممارسة العمل التربوي بشكل يحقق تنفيذ الواجبات بكفاءة عالية وأفضل مردود وبجهود جماعية مركزة باستخدام متناسق ومتوازن للوسائل والأدوات والامكانات البشرية والمادية المتاحة. والتنسيق بين الأساتذة الرئيسيين ومسؤولي المواد يقتضي من رئيس المؤسسة مهارات خاصة وإلماما بالنصوص حتى يتحكم في هذه العملية ويحقق أغراضها ومراميها المتمثلة في رفع مستوى التحصيل والأداء شكلا ومحتوى.
أ- جلسات التنسيق بين الأساتذة المسؤولين عن المواد
لقد حددت المادة 14 من القرار 174 دورية هذه الجلسات حيث جاء فيها ما يلي:
(يعقد الأساتذة المسؤولون عن المادة اجتماعات شهرية للتنسيق فيها بينهم ، ويجتمعون تحت رئاسة مدير المؤسسة مرة في الشهر). كما بين نفس القرار بدقة وتفصيل الآليات التي يمكن اعتمادها لمتابعة وتنسيق نشاطات هؤلاء الأساتذة، ثم جاء المنشور الوزاري 127 بتاريخ 91.05.15